خُدامْ النظام

خُدامْ النظام
الأربعاء 27 يوليوز 2016 - 20:11

الآن التحق اسم وزير الداخلية ووزير المالية بكوكبة المستفيدين من أراضي الدولة، ومن ثمة فالوالي لفتيت باعتباره المستفيد الأول، فهو يزكي هذا الريع ويشرعنه باعتباره من خُدام الدولة، وهذا القول يجانب الصواب لأن خادمي الدولة عليهم أن يحترموا أهم أساس لها في بنائها وهو القانون، وهو جوهر استمرارها وبقائها وعندما يتم ضرب هذا المبدأ عبر الالتفاف عليه بسحر الخدمة فإننا مباشرة نصبح خارج كل مستويات الدولة. ولهذا فنحن مطالبون بطرح السؤال التالي: ماهو نوع الخدمة المميز الذي يقدمه هؤلاء ولا يقدمه باقي أفراد الشعب المغربي؟ وهل كل خدمه يقدمها هؤلاء الخدام تقابل بمقابل استتنائي على حساب بقية الشعب ؟

موضوع الاستفادة من أراضي الدولة ليس وليد اليوم وإنما يعود لفترة ماقبل دخول المستعمر الفرنسي إلى المغرب حيث عمت الفوضى وازداد التهافت حول الاستيلاء على الأراضي الجماعية من طرف أعيان القبائل ووجهائها ورجال المخزن .

وعندما تحكمت فرنسا بالقرار السياسي بعد دخولها المغرب وحتى لاتترك هذه الأراضي خارج حمايتها نظرا لحساسيتها الشديدة التي تتميز بها من الناحية السياسية والاجتماعية فقد عمدت إخضاعها لسلطة الوصاية الممثلة في مديرية الشؤون الأهلية( وزارة الداخلية حاليا ).

ومند ذلك الحين ووزارة الداخلية تبسط نفوذها وسيطرتها المطلقة على هذه الأراضي وذلك من خلال تنظيمها بمجموعة من القوانين والظهائر وتحولت مع الوقت إحدى الركائز الأساسية التي اعتمد عليها النظام في تثبيت أركان بيته .

وقد عمد الحسن الثاني عندما تعرض لمحاولتين انقلابيتين، إلى التفكير في شراء سكوت الجنيرالات عن طريق تسليمهم مجموعة من الأراضي السقوية في مناطق جد خصبة ناصحا إياهم بالتوجه إلى الحقول بأنواعها باستثناء الحقل السياسي فهو محرم عليهم وغرس كل الفواكه دون التفكير في فاكهة السياسة لأنها قد تكون مرة كالعلقم عليهم.

ومع مرور الوقت أبان هذا الاختيار عن مفعوله القوي وسحره النافذ، حيث التزم الجيش ثكناته وحرث أراضيه، وبذلك نجحت فكرة الملك الحسن وتم تعميمها على كل القطاعات والمؤسسات وبذلك استحقت أن تكون مادة للدراسة والتلقين في الجامعات.

ومند ذلك الحين ونحن في كل مرة نسمع تفويت أرض أو بيعها بثمن بخس كنوع من الريع إلى نقابة من النقابات أو حزب من الأحزاب أو بعض الجهات التي تخدم أجندة النظام سواء من الوزراء أو من المدراء الكبار لبعض المؤسسات العمومية الكبيرة .

من خلال هذا الرصد التاريخي الموجز لقضية “المنح أو الهدايا العينية ” فكل المؤشرات تظهر بما لايدع مجالا للشك أن تسليمها من طرف الدولة لهؤلاء الرجال النافذين ليس من باب الخدمة التي يقدمونها ( حسب ما يدعون) وإنما من باب مايشكلونه من تهديد حقيقي للنظام في حالة عدم اقتسام هذا الريع معهم، وعلى هذا الأساس فالنظام مطالب كل الوقت أن يكون أكثر سخاء معهم ومع ذريتهم من بعدهم.إنه نوع من الريع المتوارث أبا عن جد. أما بقية أبناء الشعب البسيط والمسالم فهم فقط مطالبون بالامتثال والتسليم ومباركة الوضع بكل أوجاعه ومآسيه.

والآن، الاحتجاجات على أشدها على كل مواقع التواصل تطالب بمحاكمة والي الرباط ومعه وزراء السيادة ، وزير الداخلية ووزير المالية في ظل صمت رئيس الحكومة الذي يتحمل المسؤولية كاملة باعتباره الرئيس المباشر على الوزيرين اللذان ينتميان إلى حكومته والتي رفعت شعار” محاربة الفساد “، هل الاحتجاجات هي الحل في كل مرة تطفوا إلى السطح فضيحة من الفضائح من العيار الثقيل ؟

ليس هذا هو الحل، فهذا فقط مؤشر أن المجتمع المدني أخد يوما بعد يوما يتربع على مساحة حماية الدولة من رجالها المفسدين، ويملأ الفراغ القاتل، بعد أن توارت إلى الخلف المؤسسات الحقيقية للدفاع عن مكتسبات الوطن،- والأرض واحدة من أكبر هذه المكتسبات- وهذا هو أكبر خطر يهدد الدولة.

” الأرض لمن يحرثها ” الشعار الذي رفعته القوى الحية يوم ما، أضحى مجرد ذكرى من ذكريات النضال الجميل…

*كاتب صحافي

‫تعليقات الزوار

4
  • من بنما الى طريق زعير
    الجمعة 29 يوليوز 2016 - 00:29

    قولك بان الحسن التاني اختار التنمية الفلاحية على حساب التصنيع ،لان المشتغلين في القطاع الفلاحي هم دائما محافظون ،بينما العمال ومدراؤهم اصلاحيون ،حفاظا على التظام الملكي،هدا يخالف مافاله الرجل ،اد صرح انه بعد رحيل الفرنسيين اغلب المغاربة كانوا فقراء ،وكدلك خزينة الدولة ،واختار طريق ابيه اي السدود ،سد بين الويدان يعود لمحمد الخامس ،مفهوم النظام ،،le systeme …متداول بين اليساريين الراديكاليين دوو التكوين الادبي وليس العلمي،لانه في العلوم لدينا انواع من الانظمة ولدينا البنيات،ان مفهوم النظام عند اليساريين ليس الا تحوير وعصرنة لمفهوم المخزن،وهو مفهوم اساسي لفهم الماضي الاستعماري فقط ،رجل المخزن يمثل الفانون،وغيره السيبة،اكيد ان رجال المخزن انداك يستغلون نفودهم من اجل الانتفاع ولكن فرديا وليس جماعيا،نحن امام جماعة كونت هيئة اوجمعيةعرفية بدون سند قانوني من اجل الانتفاع،وحاولت اعطائها مشروعية بالعودة بنا الى تنائية،المخزن السيبة،لا لسنا السيبة بل هم ،،خدام السيبة،،بل اكترانهم جمعية وهمية مثل شركات بنما ،من اجل الانتفاع ،الغريب ان مزوار يطالب بنكيران بحل قانوني لهم ،ليصبح خادم ،خدام السيبة،

  • Ahmed52
    الجمعة 29 يوليوز 2016 - 14:36

    خدام الدولة او خدام السلطة او خدام النظام او خدام ؟؟؟؟؟؟؟.

    الا الريع السياسي والتلاعب بالمراسيم لدوس التعاخد الاجتماعي .

    انا من وجهة نظري المتواضع هؤلاء بمثابة المؤلفة قلوبهم.

    هم يبدون ولاءا مقابل ريع ادا نضب انفضوا من حولك . كمثل الدين عاشوا الى جانب النبي (صلع) ولما مات انقلبوا وارتدوا على ابي بكر.

    الله يعفو من مثل هده الامور

    وشكرا

  • محمد أيوب
    الجمعة 29 يوليوز 2016 - 18:52

    مملكة الريع بامتياز:
    هذا هو واقع الحال:الريع ولا شيء غيره ما يمثل شعار دولتنا المصونة،انه "اكسير"حياة الطبقة الغنية والمتنفذة ورجال السلطة وجميع الانتهازيين والوصوليين والانبطاحيين..لا ألوم الذين استفادوا والذين يستفيدون وسيستفيدون من الريع،لأنني لو كنت مكانهم لقمت بما قاموا به ما دام الشعب مغفلا وسهل الانقياد:ألم يخرج هذا"الشعب"في 2011ضد حركة20فبراير؟ألم يخرج ليسبح بحمد الدستور الممنوح وكأن هذا الوثيقة ستحقق له مراده في العدالة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية؟أن تمتلك مساحة مهمة في منطقة جذابة بالعاصمة وبثمن بخس فذلك يمثل:"همزة"جد مناسبة للاغتناء..لقد قضيت زهاء30سنة كموظف ثم تقاعدت وليست عندي سيارة ولا منزل ولا رخصة ولا مأذونية:فهل أنا من خدام الدولة أم من"خدمها"؟أنني واحد من مقهوري هذه الدولة،مثلي في ذلك مثل أولائك الجنود المرابطين على حدود دولتنا يحمونها من اعتداء الآخرين في كل الظروف:صيفا وشتاء.أنا واحد من مغاربة القاع الذين يكتوون بنار الغلاء ويقتسمون لقمة العيش بشرف مع بؤساء الوطن بينما أغنياؤه ينفقون ما يصل غاى راتب موظف بسيط على حيواناتهم الأليفة وعلى نزواتهم الفردية:عاش الريع.

  • abou hakim
    الأحد 31 يوليوز 2016 - 18:46

    عمد الحسن الثاني عندما تعرض لمحاولتين انقلابيتين، إلى التفكير في شراء سكوت الجنيرالات عن طريق تسليمهم مجموعة من الأراضي السقوية في مناطق جد خصبة ناصحا إياهم بالتوجه إلى الحقول بأنواعها باستثناء الحقل السياسي فهو محرم عليهم وغرس كل الفواكه دون التفكير في فاكهة السياسة لأنها قد تكون مرة كالعلقم عليهم.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة