محمد العربي المساري بديلا

محمد العربي المساري بديلا
الأربعاء 15 فبراير 2012 - 14:43

تذكرني الطريقة التي تتعامل بها القيادة السياسية لحزب الاستقلال مع ما سمي بالحراك العربي وتداعياته على المناخ الاجتماعي المغربي، بما حمله من ارتجاجات في جسم الحزب، وخاصة منذ الولادة القيصرية لحكومة السيد عبد الإله بنكيران، بالطريقة التي يتعامل بها “المخزن” المغربي عادة لمواجهة الأزمات الكبرى في التاريخ وإن كان ليس هناك مجال للمقارنة بين المخزن المغربي باعتباره منظومة عتيقة محكمة الأطراف وحزب الاستقلال الذي لا يتجاوز تاريخه تاريخ انفتاح المجتمع المغربي على العمل السياسي بإيجابياته المكتسبة وسلبياته المتراكمة. فالمخزن المغربي، عبر تاريخه الحافل، كان معروفا باتخاذ زمام المبادرة في اختيار النخب التي كان يعتبرها صالحة لتنفيذ برامجه المستقبلية بحيث لم يكن في الإمكان أبدا بالنسبة للعامة ولو بشكل جماعي _حتى وإن لم يكونوا خارجين من جبّته_ استباق الأحداث و اقتراح الأسماء المرشحة لتحمل المسؤوليات المرتبطة بالسلطة من أعلاها إلى أدناها. ومن تداعيات ذلك، نجد أن القوات السياسية التي كانت تريد أن تحتل موقعها في المشهد السياسي المغربي جميعها لم تكن تستطيع استشراف آفاق المستقبل بقدر ما كان يفعل الجهاز المخزني المتمرس والمصقول بفعل آثار التاريخ والجغرافيا.

حزب الاستقلال اليوم في شخص قياداته التنفيذية والشرفية (مجلس الرئاسة) يعطي إشارات واضحة بأنه مازال يعمل بمنطق التفكير المنعزل عن محيطه وكأنه ينظر إلى الشارع المغربي من قلب برجه العاجي والعالي جدا. ما السبب في ذلك يا ترى؟ وماهي المؤشرات التي تعبّر أو تؤكد هذا الطرح الذي قد يبدو للبعض بمثابة الحكم المسبق على ظواهر الأمور؟ قد ألخّصها دون الحصر في الآتي:

• إن مسألة التكتم في اختيار الأسماء المرشحة بقوة للظفر بمسؤولية الأمانة العامة بعد أخينا المناضل الأستاذ عباس الفاسي توحي بأن الإعداد لهذا الأمر سيتم في الكواليس خاصة أنه لا يفصلنا عن المؤتمر القادم سوى مدة شهرين تقريبا.

• تأتينا اليوم عبر وسائل الإعلام الرائدة في التقاط الشائعات من الصالونات أسماء وأسماء يقال إنها مرشحة بقوة للظفر بالأمانة العامة. وتنحصر “الشائعات” لحد الآن في أربعة أو خمسة أسماء. أتمنى أن لا يكون للشائعات دورا أكبر في فرض الأسماء على القواعد وإن كنت لا أحمل موقفا ضد أي من الأسماء التي تم تداولها.

• انتخب المجلس الوطني للحزب في دورته الأخيرة بالإجماع الأخ توفيق احجيرة لرئاسة اللجنة التحضيرية للمؤتمر القادم ممّا ساهم في إخماد نار الخلافات التي بدأت تسطو على السطح. فالأخ احجيرة يعتبر بدون مجاملة من أكفء المناضلين الذين كان لهم حضور مشرف في مسيرة الحزب وفي تدبيره للشأن الحكومي مؤخرا. لكنني أقف مرة أخرى عند مسألة الإجماع التي تضر بصورة الحزب وصورة مناضليه. فهل نحن محتاجون دائما إلى تثبيت تلك الصورة؟

• وأخيرا أقف على ما يمكن تسميته بالفتور في تعبئة المناضلين والقواعد الحزبية للمؤتمر القادم وكأن القيادة الحالية للحزب تعاني من أزمة طارئة تحول دون إقدامها على التواصل مع مناضليها حتى لا يخرج النقاش عن سياق الوحدة في الحزب.

كل تلك المؤشرات توحي في نظري أن مستقبل الحزب لن يكون ورديا إذا بقيت الأساليب السياسية لتدبير المرحلة هي نفسها وإذا بقي الإجماع لصيقا بالأجهزة التي يفترض فيها أن تكون مسؤولة أمام الشعب وكذلك أمام التاريخ.

في هذا الباب، وتبرّءا منّي من سياسة “الكولسة” المتبوعة بالإجماع والمصحوبة بالحذر الكبير من التواصل مع الرأي العام، أطلب من قيادة الحزب ومناضليه الأوفياء، أن يقوموا بترشيح أحد الأسماء المقبولة عند المجتمع المغربي في هذا الوقت بالذات. وقت ما بعد 20 فبراير وما بعد 9 مارس وما تلاهما من محطات. أرجو من الحزب أن يسعى إلى التودد إلى عامة الناس رغم الاختلاف حول هجرهم لمقرات الأحزاب. فالناس اليوم يرفضون الأحزاب بالمرة فما أحراكم بقبول طريقة تدبيرنا للمرحلة.

لقد كنت أتحفظ دائما في كتاباتي من الدخول في دوامة الأسماء لأن تداول الأسماء يجذب النقاش نحو الشخصنة. والشخصنة هي نوع من التدني مقارنة بالتعميم. لكنني سأجازف هذه المرة باقتراح إسم أعتبره صالحا لقيادة السفينة الاستقلالية في المرحلة القادمة وإن لم يتم تداوله في الأخبار الرائجة. سأكون ساذجا إذا اعتبرت أن هذا الشخص هو الوحيد القادر على إصلاح الجرة في الحزب وعلى تقريب الهوة بينه وبين المجتمع وذلك راجعا لعدة أسباب قد تكون ذاتية وموضوعية. لكنني أقدم هذا الإسم على غيره من الأسماء التي تم تداولها باعتباره نموذجا من النماذج التي نحن في أمس الحاجة إليها في الوقت الحالي.

إنه الأخ محمد العربي المساري.

لماذا هذا الإختيار؟ هناك عدة إجابات لهذا السؤال. فالأخ المساري نموذج من النماذج التي يحتدى بها في الفكر السياسي وله باعات كبيرة في مجال الإعلام والحقوق العامة والعلاقات الدولية. كما أنه ابتعد مؤخرا عن دائرة القرار في الحزب لكنه لم يدخل في صراعات قد تضرّ الحزب أكثر ممّا تنفعه، وهو تفكير إيجابي ومسؤول يوازي ما نحتاج إليه في الظرفية الراهنة. أذكر كذلك أن الأخ المساري أبان عن تواصل مستمر مع الأحداث التي تقع في المغرب حاليا وفي محيطه الإقليمي والعربي، وذلك من خلال كتاباته و مشاركاته المتعددة في الندوات الفكرية والثقافية. وقد كان مجتهدا في مقاربة الواقع بشكل موضوعي ممّا أعطاه مكانة خاصة لدى العامة والخاصة. وبالتالي فإن اختياره سيكون بمثابة رسالة تودد إلى المجتمع. أضف إلى ذلك عامل آخر هو أن الأخ المساري لا يحمل علاقة مصاهرة أو بنوة لا لعلال رحمه الله ولا لعباس. وهذا سيعطي رسالة أخرى إيجابية في سبيل التودد إلى المجتمع.

لكن، هل هناك رغبة عند الأخ محمد العربي المساري في خوض هذه المغامرة؟ أشك في ذلك…

‫تعليقات الزوار

2
  • بوسيف
    الأربعاء 15 فبراير 2012 - 17:26

    حزب اﻻستقلال فى حاجة الى ثورة داخلية لتخرجه من منطق العشيرة المتوارث,أو انشقاق يفرز قيادة بمفاهيم حداتية تلغى السطو العائلى وتفتح المجال بكل دمقراطية امام الاطارات الشابة المتمرسة والكفوئة والنظيفة المجردة من عقدة الاقصاء,فاتحة المجال لكى يصبح الحزب للجميع والكل يجد مكانه فيه

  • احمدمن الداخلة
    الإثنين 20 فبراير 2012 - 11:14

    بارك الله فيك مقال راءع استمر

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34 17

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 3

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02 2

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15 4

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات