بحيرة "مارتشيكا".. من محطة للـ"غُوفَاسْتْ" إلى قطب تنموي

بحيرة "مارتشيكا".. من محطة للـ"غُوفَاسْتْ" إلى قطب تنموي
الإثنين 3 أكتوبر 2011 - 18:57

تقع مدينة الناظور، المستمدّة لتسميتها من دوّار “آيت ناظور” المجاور، بالقرب من بحيرة “مارشيكا” التي كانت قديما ملتقى للحضارات الفينيقية والقرطاجية والرومانية والإسلامية, وذلك وسط منطقة فلاحية غنية.. كما ظلت المدينة, حتى وقت قريب, بعيدة عن الدينامية الحقيقية للتنمية التي انطلقت في عدد من المناطق بالمغرب, وذلك على الرغم من أنها تزخر بمؤهلات اقتصادية وطبيعية هامة.

غير أن الناظور تشهد منذ نحو 10 سنوات طفرة اقتصادية غير مسبوقة.. مما جعل البعض يصف هذه المدينة بـ :المدينة الصاعدة“، خصوصا وأنّها تمكنت، باعتبارها قطبا لصناعة الحديد والصلب والمعادن بامتياز وفضاء بنكيا من الدرجة الأولى بالمغرب, من استقطاب استثمارات هامة في سنوات قليلة.. خاصة في مجال البنيات التحتية, من مطار دولي وميناء للمسافرين والبضائع والمواد المصنعة، ومناطق صناعية, وطرق أهمّها الطريق الساحلية.

وعلى الرغم من أن العديد من القطاعات الاقتصادية تعرف طفرة مشجعة بهذه المنطقة, فإن القطاع السياحي لم يتطور بما فيه الكفاية, ولم يشهد في الواقع أي استثمار ملحوظ رغما عن المؤهلات الطبيعية التي تزخر بها المنطقة التي تضم أحد أجمل بحيرات منطقة المتوسط، وهي بحيرة “مارشيكا” التي تعني تسميتها الإسبانية “البحر الصغير”، وشواطئ شاسعة جميلة.

ومن أجل التغلب على العجز المسجل في هذا المجال، وضمان إقلاع اقتصادي حقيقي لهذه المنطقة, ضاعفت السلطات العمومية جهودها بقرارها إقامة مشروع تنموي ضخم على ضفاف بحيرة “مارشيكا” التي اشتهرت دوليا، في وقت سابق، بكونها محطّة إقلاع لزوارق “غُوفَاسْتْ” النّاشطة في التهريب الدولي للمخدّرات صوب الضفّة الشمالية من البحر الأبيض المتوسّط.

ويتمحور المشروع, الذي اكتسب صيتا دوليا ويُرجى منه العمل على تغيير المنطقة, حول سبع منجزات لا يتردد البعض في وصفها ب”سبعة عجائب”, من ضمنها مدينة “أطالايون” ومدينة الشاطئين والمدينة الجديدة للناظور وخليج النحام ومارشيكا الرياضية, ومروج مارشيكا وقرية الصيادين.. حيث تعتبر الإحصائيات المتعلقة بهذا المشروع العملاق ذات دلالة خاصة وهي المعدة تدريجيا بين العامين 2009 و 2025 بهدف جعل المنطقة محطة سياحية شاسعة تمتد على مساحة ألفي هكتار وعلى مسافة من 25 كيلومترا.

وسيمكن المشروع من توفير 100 ألف سرير, وإنجاز ألف فيلا, و2400 شقة, وست مناطق سياحية “مارينا” بكلفة إجمالية تصل إلى 46 مليار درهم, وكذا إحداث 15 ألف منصب شغل منها 4700 منصبا مباشرا و10 آلاف و300 منصب شغل غير مباشر، وذلك طيلة فترة الانجاز.. كما أن شروع هذه المواقع في العمل بشكل مكثف سيمكن من إحداث نحو 65 ألف منصب شغل منها نحو 30 ألف منصبا مباشرا و35 ألف منصب غير مباشر.

وبالإضافة إلى الجانب المالي الذي لا يقل أهمية عن الجوانب الأخرى, فإن هذا المشروع الضخم يحظى باهتمام المختصين في قضايا التنمية، ولاسيما من خلال تفرده وتركيبته التي تجمع مختلف العوامل الضرورية من أجل تنمية مستدامة بالمنطقة التي ينتظرها مستقبل زاهر يستند إلى مؤهلاتها الاقتصادية والبشرية والجغرافية.. كما يحظى هذا المشروع بإعجاب المراقبين من حيث أصالته المتمثلة في كونه يعكس رؤية جديدة للمغرب في المجال التنموي.

ومن أجل تنفيذ هذا المشروع تم إحداث شركة مجهولة الاسم برأسمال عمومي، حيث سميت بـ “مارشيكا ميد”، وذلك بمقتضى ظهير 5 مارس 2008 وبرأسمال يبلغ 500 مليون درهم.. موزعة بالتساوي بين الدولة وصندوق الحسن الثاني للتنمية, ولكن بالنسبة لكل واحد من المشاريع السبعة المكونة للبرنامج سيتم إحداث فرع مخصص ستفتح أسهمه في وجه الخواص.

وحسب رئيس المجلس الإداري لـ”مارشيكا ميد”، سعيد زارو, فإن برنامج تهيئة الموقع السياحي لمارشيكا بالناظور يجسد “رؤية مندمجة للتنمية المستدامة الموجهة لمنح الإقليم مشروعا سياحيا ضخما يكتسي بعدا بيئيا قويا منفتحا على الخواص.. كما يطمح إلى جعل مارشيكا, ثاني أكبر بحيرة في الحوض المتوسطي, ووجهة سياحية نظيفة“.

وحسب زارو فإن شركة “مارشيكا ميد” استعانت بمكاتب دراسات ومهندسين معماريين وخبراء مغاربة وأجانب ذوي صيت عالمي. وقد أوصت النتائج التي خلص إليها هؤلاء الخبراء بتنفيذ “برنامج تنموي يتمحور حول سبعة مواقع سياحية عوض موقع واحد, واعتماد رؤية ملائمة على المستوى البيئي من أجل مستقبل الإقليم”.. كما أكد زارو أن المرحلة الأولى من هذا البرنامج تتضمن إنجاز مدينة “أطالايون” ومدينة “الشاطئين” باستثمارات بقيمة 7 ملايين درهم, وكذا إنجاز قناة جديدة وإعادة تأهيل القناة الحالية بالميناء الترفيهي, موضحا أن القناة الجديدة, الذي يبلغ عرضها 300 متر وعمق 6 أمتار, ستقام على بعد 1500 متر غرب القناة الحالية.. وأن إنجاز هذه القناة سيمكن من تجديد مياه البحيرة, وتحسين الجودة بالوسط الطبيعي, وتسهيل عملية الإبحار عبر تقليص حجم التيارات البحرية، مما سيكون له وقع إيجابي على التنوع البيولوجي للموقع.

وبالنسبة لوزير التجهيز والنقل كريم غلاب فإن الأمر يتعلق بمشروع كبير للسياحة والبنيات التحتية, موضحا أن الوزارة ستنجز هذه القناة الجديدة.. وأضاف أن هذه القناة الجديدة :ستسهل حركية السفن والبواخر وتعمل على ضمان توازن بيولوجي وبيئي أفضل بالنسبة للبحيرة، كما ستعوض القناة القديمة التي سيتم تحويلها إلى ميناء ترفيهي بكلفة إجمالية تبلغ 380 مليون درهم تمتد على 18 شهرا”.

وكان وزير الداخلية ا الطيب الشرقاوي, قد أكد في مداخلة أمام مجلس النواب, أن مشروع تهيئة موقع بحيرة “مارشيكا” سيشكل “رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهة الشرقية عموما, وقطب حاضرة الناظور الكبير بشكل خاص”.. وأبرز أن هذا المشروع “يندرج في إطار ترسيخ الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي والعمراني الذي تشهده ربوع المملكة, وعلى وجه الخصوص المناطق الشمالية ومنطقتي الريف والشرق من خلال استثمار الإمكانات الطبيعية الفريدة التي توفرها بحيرة مارشيكا ونواحيها مما يجعلها أداة رافعة لاقتصاد بيئي وتنمية مستدامة على مستوى منطقة الناظور الكبير”.

وأضاف الشرقاوي، ضمن ذات المداخلة المذكورة، أن إنجاز هذا المشروع, الذي يوجد على مقربة من أوروبا ومن المحطة السياحية للسعيدية, ستنجم عنه لا محالة “آثار إيجابية في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية, كما سيشكل فرصة فريدة للجماعات المحلية المعنية لكي تخفف من أعبائها ومصاريفها في ميادين تنمية البنيات التحتية والتجهيزات والتعمير, ويضمن لها في نفس الوقت مداخيل ذاتية قارة ومرتفعة تعزز استقلالها المالي وتفتح أمامها آفاقا كبيرة للاستثمار”.. وأشار إلى أن إسناد إنجاز هذا المشروع إلى مؤسسة عامة “تتميز بالمرونة والنجاعة والشفافية”, من شأنه إعطاء “ضمانات كافية لتحقيق مشروع تهيئة موقع بحيرة مارشيكا”.

‫تعليقات الزوار

11
  • Amoddo
    الإثنين 3 أكتوبر 2011 - 19:12

    construisons un maroc meilleur … Yes we can… and together

  • موحى
    الإثنين 3 أكتوبر 2011 - 22:48

    هذه المشاريع الكبرى هي التي تقضي مضجع الجماعات العدمية والظلامية في المغرب لأنها تسحب البساط من تحت أقدامها، ولذالك فهي تحاول التعجيل والتصعيد في شعاراتها ومظاهراتها كل أسبوع لتشوش على هذه المشاريع التي ستضع بلادنا في مكان بعيد المنال عنها، فمن المعروف أن الجماعات العدمية والظلامية لا تقتات إلا من البؤس والتعاسة وتسوقهما كمنتوج ديماغوجي للضحك واستغفال الساذجين، إلى الامـــــــــــام يا ملكنا الهمام

  • Omar
    الإثنين 3 أكتوبر 2011 - 23:49

    اللهم بارك و إجعل مغربنا رائدا للتقدم والتغيير آمين.

  • شرف
    الثلاثاء 4 أكتوبر 2011 - 01:17

    اللهم احفظ ملكنا العظيم الدي يسير بالمغرب إلى الأمام بفضل هذه المشاريع التنموية الكبرى
    واصل حفظ الله ورعاك
    عاش محمد السادس
    الله الوطن الملك

  • arifie
    الثلاثاء 4 أكتوبر 2011 - 02:36

    هذه إلتفاتة ملكية لفك عزلة سياسية دامت نصف قرن على مدينة الناضور.
    مرحبا بك أيها الملك العزيز
    إذا كان الآخرون يبنون لملوكهم القصور . فنحن هنا في الريف نسكنكم القلوب. و نفرش طريكم بالورود و نضع فوق راسكم تاجا من الحب و الإخلاص و الولاء.
    دمت مصلحا يا رمز وحدة المغاربة

  • Mohammed
    الثلاثاء 4 أكتوبر 2011 - 03:01

    En France les cotes sont sacrés et il est interdit de construire quoi que ce soit sur les cotes

  • souhail
    الثلاثاء 4 أكتوبر 2011 - 03:13

    Go Morocco go go ! Vive le roi,, ensemble on arrivera a construire notre pays, et pour cela on n'as pas besoin de pessimiste. 😉

  • houssnia
    الثلاثاء 4 أكتوبر 2011 - 12:30

    الحمد لله بهذا المشروع التنموي الضخم سيوفر مناصب شغل وبالتالي يُرجى منه العمل على تغيير المنطقة

  • عربي_ازرو
    الأربعاء 5 أكتوبر 2011 - 00:46

    ايه الغبي اتحداك ان تفهم معنى الصضحافة انا مند 10 سنين اقرا 4جراءد وتاتي انت لتستعمل معي مقص الرقابة كاستاذك البصري لتحرمني من حق التعبير وانا اقرا العديد من الكتابات السطحية والمليئة بالحزازات العنصرية وسب العرب ولم تمنعوها اجيبوني ماذا يعني هذا

  • driss
    الأربعاء 5 أكتوبر 2011 - 04:26

    اليست هذه المشارع التنموية الكبرى جوبا كافيا على كل من يفتح فمه ايام السبت و الاحد في تظاهرات لا لزوم ها بشعارات ركيكة تنم عن ضحالة تفكير كتابها . شعارات تلعب على خطاب شعبوي الهدف منها اثارة الفتنة . نعم لمغرب خلاق ، نعم لمغرب مبدع ، نعم لمغرب مبادر ، نعم لمغرب متسامح . على كل الحكومات المقبلة أن تهتم بالتعليم و الصحة و استقلال القضاء . عاش الملك محمد السادس يسود و يحكم ، عاش المغرب البلد الجميل بطبيعته و بأهله ، عاش الاسلام دينا قويا رغم كيد الكائدين .

  • Rifi Nadori
    الأربعاء 5 أكتوبر 2011 - 12:42

    الى رقم 9 المسمى عربي- أزرو

    كأنك اسرائيلي تدعي أنك من فلسطينز أنت عروبي وما دخلك في أزرو الأمازيغية يا وافد؟

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب